[size=24]
الحرص على المكسب السريع
بعض الناس يستعجلون في قضية الرزق فهم يريدون الحصول على المال من أي جهة وبأي طريق
حتى لو كان من حرام , فالمكسب السريع عندهم هو الغاية المرجوة والهدف المنشود , وقد يتأخر الرزق عن بعض
الناس لحكمة يعلمها مقدر الأرزاق ومقسمها ؛ فيحمله استبطاء الرزق على أن يطلبه بمعصية الله و ولقد حزر النبي
صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال فيما رواه عنه ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ليس من عمل يقرب من الجنة إلا قد أمرتكم به ولا عمل يقرب من النار إلا وقد نهيتكم عنه فلا يستبطئن أحد منكم
رزقه فإن جبريل ألقى في روعي أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه فاتقوا الله أيها الناس وأجملوا
في الطلب فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله فإن الله لا ينال فضله بمعصيته " .
(رواه الحاكم , الصحيحة ( 2607 ) ، المشكاة ( 5300 ) .
وجاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله - عليه الصلاة والسلام -
" إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض قيل وما بركات الأرض قال زهرة الدنيا ."
(البخاري في صحيحه ج 5/ ص 2362 حديث رقم: 6063).
فليعلم العاقل أن الدنيا زائلة وأن موقوف ومسئول بين يدي الله تعالى عن كل ما اكتسبه وكل ما أنفقه .
عن معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
« لن يزول قدم العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن جسده فيما أبلاه ، وعن عمره فيما أفناه ، وعن ماله من أين
أكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه كيف عمل به » .
( أخرجه الترمذي 7 / 101 وقال: "هذا حديث حسن صحيح ) .
فلا يبع العاقل دينه من أجل نعيم زائل يزول مع أول صبغة في النار أعاذنا الله منها . عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا ، مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، هَلْ رَأَيْتَ
خَيْرًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ ، وَاللهِ ، يَا رَبِّ ، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا ، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيُصْبَغُ فِي
الْجَنَّةِ صَبْغَةً ، فَيُقَالُ لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ ، وَاللهِ ، يَا رَبِّ ، مَا مَرَّ بِي
بُؤُسٌ قَطُّ ، وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ.
(رواه مسلم 8/135(7190) وأحمد 3/203(13143).
على المسلم أن يعلم علم اليقين أن الأرزاق مقسمة كالآجال , ففي الحرص لا يخلو المرء من تعب
وفي الطمع لا يخلو من ذل, وقديما قيل " أذل الحرص أعناق الرجال" . وقال ابن أدهم " قلة الحرص والطمع تورث
الصدق والورع وكثرة الحرص والطمع تورث كثرة الغم والجزع " والطمع يُعمي الإنسان عن حقائق الأمور ويُخفي
عنه معالمها. وأنشد أحدهم :
جمع الحرام على الحلال ليكثره * * * دخل الحرام على الحلال فبعثره
**